![](https://static.wixstatic.com/media/f397d7_3c1af9a567924c4b92872c0c7607a4a1~mv2.jpg/v1/fill/w_500,h_281,al_c,q_80,enc_auto/f397d7_3c1af9a567924c4b92872c0c7607a4a1~mv2.jpg)
تشرين الثاني // شتاء 2018.
الساعة أصبحت تُقارب الرابعة فجرًا وأنا أكاد أفقد عقلي من التفكير، لا أستطيع أن أشير بدقة إلى سبب ما لجعلي أسهر إلى هذه الساعة المتأخرة، النوم فقط لم يكن صديقي اليوم.. حاولت أن أتفادى رغبتي الملحة للنهوض عن السرير وصنع كوب قهوة..
إنه فقط ليس الوقت المناسب. لكن فكرة كتاب يجاورني وكوب قهوة ورحلة إلى سطح المنزل كانت مغرية جدًا. لجئت للكتابة محاولةً صرف انتباهي عن تلك الفكرة، “لم يحن الوقت بعد” قلت لنفسي، لكن لازالت تروادني تلك الرغبة التواقة لكسر الروتين الغائم الذي أقحمت نفسي فيه الأيام الماضية، وربما أيضًا إحياء عادات سابقة كنت أعتبرها علاجية.
تذكرت صباح اليوم السابق، حيث أدركت أني بدأت أعود إلى تلك العادات، كنت أملكها قبل أن أخسر نفسي للإكتئاب، ومنذ ذلك الوقت وأنا أقاتل لكي أكسبها من جديد. بشكل ما أردت أن أصدق أني تغلبت عليه، وفي هذه اللحظة بالتحديد.. ربما قد فعلت.
تعبت من جمع قطع أحجية تلك المشاعر التي اجتاحتني من بعد منتصف الليل إلى أن أشرقت شمس صباح اليوم التالي.. لكنني لم أكف عن الكتابة. لم أستطع. سكنت رياح وعيي لوهلة تبعًا لرؤية ضوء صباح الشتاء الخافت الذي تسلل عبر ستائر النافذة وعندها فقط، استطعت التوقف.. دفعت جسدي المتعب -بلا سبب محدد- للنهوض من السرير، وقطعت قطار أفكاري الذي تحرك من البداية إثر تأملي المطول لسقف الغرفة تحت نفوذ إحدى مقطوعات لودوڤيكو إينودي.. وودعت تلك الأفكار الغير مأهولة إلى لقاء آخر.
توجهت إلى مكينة القهوة وضغطت خيار أكبر كمية متوفر أمامي.. أصدرت المكينة ضجيجها المعتاد، كان صاخبًا جدًا كما ينبغي لطحن حبوب القهوة أن يكون، ألِفته وكان كالموسيقى بالنسبة لي. فتحت التلفاز وبدأت أبحث عن شيء يثير فضولي، شيء يحيرني.. لا شيء يدهشني هذه الأيام، لكن ذلك كان على وشك التوقف، بينما كنت أقلب بين القنوات، تمنيت لو كنت أملك تلفاز قائم بين المجرات، لكن لا أعتقد أن ذلك سيحصل في هذا العالم، ربما في بعد جديد. وفي خط حياة آخر. حتى ذلك.. سأكتفي الآن بأعمال ج.ج. آبرامز.
شاهدت الكثير من أعماله السابقة وكنت أترقب المزيد، في واحد منها لم أجد ما كنت أريده، لكن وقتها كنت في حالة خدر بسبب أحداث أخرى يؤسف لها، ولم تجدني غايته.. لذلك ها أنا الآن أعطيه فرصة جديدة. كان بحق يستحق تلك الفرصة، تلك الأفكار والمعتقدات الخاصة بي التي لا أجرؤ على ذكرها لأي بشريٍ كان، وجدتها في ذاك العالم، شكوكي في أني بدأت أفقد عقلي تلاشت قليلًا.. ومخاوف أن أُتهم بالجنون لن تجد طريقها لكي تؤثر فيَّ بعد.
أثارت تلك الساعات التابعة عدة أفكار أخرى في عقلي، اعتقادي بأن العالم حدث عرضًا، وأن لا انتماء لأي شيء.. أصبحت مثيرة للريبة، وربما في هذه اللحظة وهذه الحالة العقلية التي أنا فيها الآن، أعتقد أنه ليس هناك شيء من قبيل الصدفة.. أنا لم أعد سائرًا ميت بعد الآن، كنت محتجز في تلك الحالة البينية لما بدا أنه كان أبديًا.
أنا مستيقظة، وأشعر، وأتنفس، وأخلق. و مستعدة جدًا لفعل المزيد. أدركت الآن أن الوقت المناسب ليس قادمًا وعلي الذهاب إليه بنفسي، لذلك سأمضي حالاً. لقد أفشيت إحدى أسرار الكون وسأظل أكتشف المزيد. العالم يبدو في متناول يداي.. أو هو حقًا كذلك، المظلم والمشتعل منه،
أُصلي أن أكون متأهبة لمواجهة كل جوانبه. الحياة تبدو مثيرة للأهتمام جدًا في الوقت الراهن.
コメント